الشيخ مناع خليل القطان قاضي قضاة السعودية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الشيخ مناع خليل القطان قاضي قضاة السعودية
الأخ الداعية الشيخ مناع خليل القطان
بقلم: المستشار عبدالله العقيل
هو الأخ الكريم والداعية العامل والمجاهد الصلب الشيخ مناع خليل القطان، ولد في شهر أكتوبر سنة 1925م 1345ه في قرية "شنشور" مركز "أشمون" من محافظة المنوفية بمصر من أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة، حيث كان المجتمع الريفي يعتمد على الأرض الزراعية.
بدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم في الكتاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم التحق بالمعهد الديني الأزهري بمدينة "شبين الكوم" ثم التحق بكلية أصول الدين في القاهرة.
مشايخه
ومن مشايخه الذين تأثر بهم: الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالمتعال سيف النصر، والشيخ علي شلبي، والشيخ محمد زيدان، والدكتور محمد البهي، والدكتور محمد يوسف موسى، وهو يعتبر أن والده خليل القطان، ثم الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والإمام الشهيد حسن البنا أكثر الشخصيات تأثيراً فيه.
نشاطه العملي والدعوي
وقد التحق بجماعة الإخوان المسلمين في أثناء دراسته، وعمل في صفوفها في محيط الطلاب والوعظ والإرشاد والدعوة إلى الله، وانتخب رئيساً للطلبة بكلية أصول الدين، وقد شارك في نشاط الإخوان الوطني سنة 1946م في التصدي للاستعمار الإنجليزي حتى ألغيت معاهدة سنة 1936م المشؤومة.
كما شارك في التطوع للجهاد في فلسطين سنة 1948م، وقد دخل السجن بعدها، كما شارك في المقاومة السرية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس سنة 1951-1952م، وكل هذه المشاركات كانت من خلال جماعة الإخوان المسلمين وشبابها المكافح المجاهد. وكان وثيق الصلة بالشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ أحمد حسن الباقوري.
وقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية للتدريس في مدارسها ومعاهدها إلى سنة 1958م، حيث انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة، وكان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة، وقد وفقه الله لإقامة مجمع إسلامي خيري كبير سنة 1993م في قريته (شنشور) بمحافظة المنوفة، على نفقته الخاصة، افتتحه وزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق بحضور عدد كبير من علماء الأزهر.
وقد شارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعلمية في داخل المملكة وخارجها، وأهمها: المؤتمر الأول لرابطة العالم الإسلامي، المؤتمر الإسلامي في كراتشي بباكستان، المؤتمر الإسلامي العالمي في بغداد، المؤتمر الإسلامي بالقدس، مؤتمر المنظمات الإسلامية، مؤتمر رسالة الجامعة بالرياض، أسبوع الفقه الإسلامي بالرياض، أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة، المؤتمر الجغرافي الإسلامي بالرياض، مؤتمر رسالة المسجد بمكة المكرمة، مؤتمر الدعوة والدعاة بالمدينة المنورة، مؤتمر مكافحة الجريمة بالرياض، ندوة مكافحة المخدرات، مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض، ندوة انحراف الأحداث، وغيرها من المؤتمرات والندوات في أنحاء العالم الإسلامي.
معرفتي به
بدأت معرفتي به أواخر سنة 1949م حين ذهبت إلى مصر للدراسة الجامعية، وكان وقتها يدرس في كلية أصول الدين بالأزهر، ويقوم بدور دعوي نشط في محيط الطلاب، ويشرف على توزيع نشرة "البناء" التي يوزعها تنظيم الإخوان المسلمين.
ثم اصطحبني معه لزيارة بعض الإخوان المسجونين بقضية السيارة الجيب في السجون المصرية أمثال: أحمد حسنين، ومصطفى مشهور، وأحمد عادل كمال، ومحمود الصباغ، وحلمي الكاشف، وأحمد زكي، وأحمد حجازي، وجمال فوزي وغيرهم.
وكان، وهو طالب، له صفحة كاملة في مجلة الإخوان الأسبوعية، يكتب فيها مقالات مسلسلة عن إصلاح الأزهر وتطويره.
وحين غادر مصر إلى المملكة العربية السعودية سنة 1953م التقيته حين ذهابي إلى الحج مع مدرسي مدرسة النجاة سنة 1955م- 1375ه، حيث كان برفقة الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وحضر مؤتمر الإخوان بفندق مصر بمكة المكرمة، وقد ظلت الصلة به من خلال اللقاءات بالكويت والرياض ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والدمام، وسورية، ولبنان، والأردن، وتركيا، وأوروبا.
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ مناع القطان غادر مصر دون أن يتزوج، وعندما راسل والدته أثناء إقامته في السعودية، رشحت له شريكة العمر التي قدمت وعاشت معه في السعودية، وكان قدومها من مصر عن طريق مطار البصرة الدولي جنوب العراق مروراً إلى مطار الظهران، وصادف أن كنتُ مع الشيخين: ناصر الأحمد، وجاسم الجامع، في نفس الطائرة المغادرة من البصرة إلى الظهران، متوجهين لمقابلة الملك سعود بن عبدالعزيز في الرياض لمساعدة مدرسة النجاة الأهلية في "الزبير"، ولقد سعدنا برؤية الشيخ مناع القطان بمطار الظهران، مستقبلاً زوجته القادمة من مصر، فكانت فرحته فرحتين: لقاء زوجته، ولقاء إخوانه في الله.
وحين غادرت الكويت سنة 1986م، واستقر بي المقام في الرياض، ازدادت الصلة، وكثرت اللقاءات معه في منزلي ومنزله، وفي مسجده الذي يخطب فيه بالمطار القديم، وفي جامعة الإمام، والمؤتمرات والندوات العامة.
وقد تميّز بالهدوء والاتزان في معالجة الأمور، كما كان واسع الثقافة، وبخاصة في الأمور الشرعية والقضايا الفقهية، لمعالجة المشكلات المعاصرة للأفراد والجماعات، وكان في خطبه ومحاضراته يجمع شتات الموضوع في عناصر ونقاط، ويعرضها بسلاسة ووضوح، معززة بالدليل والبرهان.
مؤلفاته
وله مؤلفات كثيرة في موضوعات شتَّى، وأهم مؤلفاته:
مباحث في علوم القرآن الكريم.
تفسير آيات الأحكام.
التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.
الحديث والثقافة الإسلامية.
نظام الأسرة في الإسلام.
نزول القرآن على سبعة أحرف.
الدعوة إلى الإسلام.
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية.
موقف الإسلام من الاشتراكية.
إقامة المسلم في بلد غير مسلم.
الإسلام رسالة الإصلاح.
رعاية الإسلام للمعاقين.
التكييف الفقهي للتبرع بالأعضاء وزراعتها.
رفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.
الحاجة إلى الرسل في هداية البشرية.
مباحث في علوم الحديث.
تاريخ التفسير ومناهج المفسرين.
الفرق الإسلامية.
العقيدة والمجتمع.
القضاء في العهد النبوي والخلافة الراشدة.
الزواج بالأجنبية.
بالإضافة إلى بعض المخطوطات التي نأمل من أبناء الفقيد المبادرة إلى طباعتها.
من أقواله
"لكل مجتمع آلامه وآماله التي تنبعث من صميم بيئته، فهو يتطلع إلى مبضع يبرئ سقمه في لطف، ويعيد إليه عافيته، وما لم تلمس موعظة الداعية حقائق مشكلاته، يسبر أغوارها، ويشخص علاجها، صمّ آذانه عن الاستماع إليها، ولكل عصر مشكلاته التي تتجدد معه بتجدد الحياة وأفكارها، ونظرة العقل البشري إليها، فالذي يخاطب عصره بمشكلات عصر آبائه وأجداده، أو معضلات بيئته، كالذي يصيح في واد، أو ينفخ في رماد.
على كاهل العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة.
إن الأمة قد ترزأ في اقتصادها، واحتلال أرضها، أو تخلف حياتها، ولكنها تظل أمة حية تنبض بمعاني القوة، ما دامت معتصمة بدينها، مؤمنة بعقيدتها، واثقة بنصر الله لها.
لقد كان العلماء على مر العصور والأجيال، يختلفون في المسائل الفرعية الاجتهادية، ولكن هذا الاختلاف لم يفسد ما بينهم من رابطة الجهاد، فقد كانوا يوقنون بأنهم جميعاً جنود للإسلام في صف المعركة. إن الإسلام عقيدة وشريعة، وإن الولاء الذي يجمع الشمل ويصلح الناس، هو الولاء للدين، والإسلام دين عالمي للبشرية كلها، يترفَّع في بناء الأمة عن ولاء الجنس والعنصر والأرض، ويجعل العقيدة هي الوحدة المشتركة بين الناس جميعاً في ظل الإسلام، فكانت الأخوّة الدينية بين المسلمين، هي هذه الوحدة المشتركة التي قررها القرآن الكريم إنما المؤمنون إخوة (الحجرات:10)، وقررها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم"، فغلبت أخوّة الإيمان على كل صلة سواها، حتى صلة النسب، فنسي المرء بها قبيلته، وخرج على عشيرته، وخاصم الولد أباه، وقاتل الأخ أخاه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم (المجادلة:22)، وأخوّة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوّة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب".
قالوا عنه:
يقول الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل السعودي: "لقد تتلمذت على يد الشيخ مناع القطان في المعهد العلمي، وفي كلية الشريعة، وقد كان له أكبر الأثر في نفوسنا، عندما كنا طلاباً للعلم، وقد غرس فضيلة الشيخ القطان في قلوبنا حب الخير والمعرفة والاطلاع والسعي دائماً بحثاً عن العلم".
ويقول الدكتور عبدالله الشبل مدير جامعة الإمام سابقاً: "لقد كان الشيخ مناع القطان أحد العلماء البارزين الذين احتلوا مكانة مرموقة من خلال مشاركاته العلمية، وتواجده المكثف في مختلف القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، إضافة لحضوره البارز في الأبحاث الإسلامية".
ويقول عنه تلميذه د. إبراهيم السماري: "تتلمذت على فضيلة الشيخ مناع القطان في كلية الشريعة، وكان مشرفاً على رسالتي للماجستير، ثم توفي رحمه الله وهو مشرف على رسالتي للدكتوراه، فعرفت الكثير من أخلاق فضيلته، وسمو نفسه، وعلو همته، وصدق صبره.
وحين أتحدث عن شيخي مناع القطان، أجد القلم مخنوقاً بعبرة الحسرة على فراق هذا الشيخ الجليل، وعلى فقد علمه الغزير الذي طالما أسعدني الاغتراف منه، ومما يميز هذا العالم الفاضل مع طلابه، تحليه بحليتي الصبر والتواضع، فبرغم مرضه في الآونة الأخيرة، لم يظهر تذمراً حين أراجعه في موضوع دراستي، بل كان يشجعني ويحثني على بذل أكبر جهد، ويفتح لي آفاقاً جديدة، أو مداخل قد أستفيد منها".
ويقول عنه مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: "إن الشيخ مناع القطان داعية إسلامي معروف، وقد درست عليه مادة التفسير عندما كنت طالباً في جامعة الإمام محمد بن سعود لعامين في السنتين الثالثة والرابعة، وكان يرحمه الله من الدعاة المعروفين، وله عناية كبيرة بتفسير القرآن، وفد إلى المملكة قبل أربعين عاماً، ودرّس في معهد الرياض، وكلية الشريعة بجامعة الإمام".
وفاته
توفي يوم الإثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420ه الموافق 19-7-1999م وصُلي عليه في مسجد الراجحي بمنطقة الربوة، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، بعد مرض عضال نتيجة إصابته بسرطان الكبد الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات، وكان عمره خمسة وسبعين عاماً، وترك خلفه خمسة من الأولاد، ثلاثة أبناء، وبنتين، والخمسة جميعهم أطباء في تخصصات مختلفة في مستشفيات الرياض.
وقد فاضت مشاعر أحد تلاميذه المحبين فرثاه بهذه الأبيات العفوية:
شيخي مناع القطان رحمه الله
أبي فالأبوة عطف ولين
أخي فالأخوة عقد متين
وإن لفقدك صوت الرنين
يهز القلوب كفقد اليمين
وتدمع عيني ووجهي حزين
إلى الله أشكو لفقد الحنين
فما خاب شاك لرب كريم
وندعوك يا أرحم الراحمين
@@@
أشيخي أراك بكل صباح
وكل مساء ووقت ضنين
وأنهل من علمك المستنير
دروساً وعلماً لعقل رصين
فهذا "مباحث علم الكتاب"
وأخرى ففيها علوم لدين
فأدعو لك الله رب العباد
ليجمعنا معك في الخالدين
فبيني وبينك حب متين
وبين السطور أمور تبين
وفاضت شعوري بصدق الوفاء
فروحي وروحك تبر وطين
يعز عليها الفراق الحزين
فدنيا الفناء زوال مبين
ولكن قلبي يراك يراك
إذا أظلم الليل هاج الأنين
أبي إن رحلت فإنا وراك
فأنت ونحن معاً سائرين
بإذن الكريم الرحيم العظيم
ومالك يوم الحساب المبين
بصحبة أحمد في الخالدين
وأتباعهم أمة المرسلين
إلى جنة الله دار الخلود
ففيها السعادة حق اليقين
@@@
لقد زاد شوقي كأني يتيم
وإن طال شعري أردت أبين
لعلي أهدئ لسع الفراق
ويسكن قلبي ولا يستكين
فحبّي إلى الله لا غيره
فذاك هو الحبُّ حبُّ الفطين
لي الله من بعد فقد الكرام
"ومنَّاع" شيخي في الأكرمين
أراك بأحمد عند اللقاء
وإخوته نسوة أو بنين
يداوون كل مريض عليل
بعلم وفهم وعقل رصين
ينالك أجر وفضل عظيم
ودعوة شيخ وطفل جنين
زرعت رجالاً فنعم الرجال
فهم ثمر الغرس للغارسين
@@@
عزائي أن اليهود الطغاة
يموتون رعباً بخوف دفين
فهم يعرفون الرجال العظام
وصدق الجهاد من المدعين
لأنك سيف ولا كالسيوف
يقطع منهم عروق الوتين
فأنت تقاتل وضح النهار
وهم خلف سور وماء وطين
فيا شيخي أنت دروس لنا
حياتك أو موته الأكرمين
@@@
وداعاً أقول وكلي رجاء
برحمة ربي في الآخرين
على دين أحمد خير الأنام
حنيفية دعوة المرسلين
ففيها النجاة وفوز عظيم
بجنة خلد مع الصالحين
صلاة وتسليم رب رحيم
على رحمة الله للعالمين
@@@
رحم الله أستاذنا الجليل، وتقبله في الصالحين من عباده، وحشرنا الله وإياه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
بقلم: المستشار عبدالله العقيل
هو الأخ الكريم والداعية العامل والمجاهد الصلب الشيخ مناع خليل القطان، ولد في شهر أكتوبر سنة 1925م 1345ه في قرية "شنشور" مركز "أشمون" من محافظة المنوفية بمصر من أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة، حيث كان المجتمع الريفي يعتمد على الأرض الزراعية.
بدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم في الكتاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم التحق بالمعهد الديني الأزهري بمدينة "شبين الكوم" ثم التحق بكلية أصول الدين في القاهرة.
مشايخه
ومن مشايخه الذين تأثر بهم: الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالمتعال سيف النصر، والشيخ علي شلبي، والشيخ محمد زيدان، والدكتور محمد البهي، والدكتور محمد يوسف موسى، وهو يعتبر أن والده خليل القطان، ثم الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والإمام الشهيد حسن البنا أكثر الشخصيات تأثيراً فيه.
نشاطه العملي والدعوي
وقد التحق بجماعة الإخوان المسلمين في أثناء دراسته، وعمل في صفوفها في محيط الطلاب والوعظ والإرشاد والدعوة إلى الله، وانتخب رئيساً للطلبة بكلية أصول الدين، وقد شارك في نشاط الإخوان الوطني سنة 1946م في التصدي للاستعمار الإنجليزي حتى ألغيت معاهدة سنة 1936م المشؤومة.
كما شارك في التطوع للجهاد في فلسطين سنة 1948م، وقد دخل السجن بعدها، كما شارك في المقاومة السرية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس سنة 1951-1952م، وكل هذه المشاركات كانت من خلال جماعة الإخوان المسلمين وشبابها المكافح المجاهد. وكان وثيق الصلة بالشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ أحمد حسن الباقوري.
وقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية للتدريس في مدارسها ومعاهدها إلى سنة 1958م، حيث انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة، وكان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة، وقد وفقه الله لإقامة مجمع إسلامي خيري كبير سنة 1993م في قريته (شنشور) بمحافظة المنوفة، على نفقته الخاصة، افتتحه وزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق بحضور عدد كبير من علماء الأزهر.
وقد شارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعلمية في داخل المملكة وخارجها، وأهمها: المؤتمر الأول لرابطة العالم الإسلامي، المؤتمر الإسلامي في كراتشي بباكستان، المؤتمر الإسلامي العالمي في بغداد، المؤتمر الإسلامي بالقدس، مؤتمر المنظمات الإسلامية، مؤتمر رسالة الجامعة بالرياض، أسبوع الفقه الإسلامي بالرياض، أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة، المؤتمر الجغرافي الإسلامي بالرياض، مؤتمر رسالة المسجد بمكة المكرمة، مؤتمر الدعوة والدعاة بالمدينة المنورة، مؤتمر مكافحة الجريمة بالرياض، ندوة مكافحة المخدرات، مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض، ندوة انحراف الأحداث، وغيرها من المؤتمرات والندوات في أنحاء العالم الإسلامي.
معرفتي به
بدأت معرفتي به أواخر سنة 1949م حين ذهبت إلى مصر للدراسة الجامعية، وكان وقتها يدرس في كلية أصول الدين بالأزهر، ويقوم بدور دعوي نشط في محيط الطلاب، ويشرف على توزيع نشرة "البناء" التي يوزعها تنظيم الإخوان المسلمين.
ثم اصطحبني معه لزيارة بعض الإخوان المسجونين بقضية السيارة الجيب في السجون المصرية أمثال: أحمد حسنين، ومصطفى مشهور، وأحمد عادل كمال، ومحمود الصباغ، وحلمي الكاشف، وأحمد زكي، وأحمد حجازي، وجمال فوزي وغيرهم.
وكان، وهو طالب، له صفحة كاملة في مجلة الإخوان الأسبوعية، يكتب فيها مقالات مسلسلة عن إصلاح الأزهر وتطويره.
وحين غادر مصر إلى المملكة العربية السعودية سنة 1953م التقيته حين ذهابي إلى الحج مع مدرسي مدرسة النجاة سنة 1955م- 1375ه، حيث كان برفقة الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وحضر مؤتمر الإخوان بفندق مصر بمكة المكرمة، وقد ظلت الصلة به من خلال اللقاءات بالكويت والرياض ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والدمام، وسورية، ولبنان، والأردن، وتركيا، وأوروبا.
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ مناع القطان غادر مصر دون أن يتزوج، وعندما راسل والدته أثناء إقامته في السعودية، رشحت له شريكة العمر التي قدمت وعاشت معه في السعودية، وكان قدومها من مصر عن طريق مطار البصرة الدولي جنوب العراق مروراً إلى مطار الظهران، وصادف أن كنتُ مع الشيخين: ناصر الأحمد، وجاسم الجامع، في نفس الطائرة المغادرة من البصرة إلى الظهران، متوجهين لمقابلة الملك سعود بن عبدالعزيز في الرياض لمساعدة مدرسة النجاة الأهلية في "الزبير"، ولقد سعدنا برؤية الشيخ مناع القطان بمطار الظهران، مستقبلاً زوجته القادمة من مصر، فكانت فرحته فرحتين: لقاء زوجته، ولقاء إخوانه في الله.
وحين غادرت الكويت سنة 1986م، واستقر بي المقام في الرياض، ازدادت الصلة، وكثرت اللقاءات معه في منزلي ومنزله، وفي مسجده الذي يخطب فيه بالمطار القديم، وفي جامعة الإمام، والمؤتمرات والندوات العامة.
وقد تميّز بالهدوء والاتزان في معالجة الأمور، كما كان واسع الثقافة، وبخاصة في الأمور الشرعية والقضايا الفقهية، لمعالجة المشكلات المعاصرة للأفراد والجماعات، وكان في خطبه ومحاضراته يجمع شتات الموضوع في عناصر ونقاط، ويعرضها بسلاسة ووضوح، معززة بالدليل والبرهان.
مؤلفاته
وله مؤلفات كثيرة في موضوعات شتَّى، وأهم مؤلفاته:
مباحث في علوم القرآن الكريم.
تفسير آيات الأحكام.
التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.
الحديث والثقافة الإسلامية.
نظام الأسرة في الإسلام.
نزول القرآن على سبعة أحرف.
الدعوة إلى الإسلام.
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية.
موقف الإسلام من الاشتراكية.
إقامة المسلم في بلد غير مسلم.
الإسلام رسالة الإصلاح.
رعاية الإسلام للمعاقين.
التكييف الفقهي للتبرع بالأعضاء وزراعتها.
رفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.
الحاجة إلى الرسل في هداية البشرية.
مباحث في علوم الحديث.
تاريخ التفسير ومناهج المفسرين.
الفرق الإسلامية.
العقيدة والمجتمع.
القضاء في العهد النبوي والخلافة الراشدة.
الزواج بالأجنبية.
بالإضافة إلى بعض المخطوطات التي نأمل من أبناء الفقيد المبادرة إلى طباعتها.
من أقواله
"لكل مجتمع آلامه وآماله التي تنبعث من صميم بيئته، فهو يتطلع إلى مبضع يبرئ سقمه في لطف، ويعيد إليه عافيته، وما لم تلمس موعظة الداعية حقائق مشكلاته، يسبر أغوارها، ويشخص علاجها، صمّ آذانه عن الاستماع إليها، ولكل عصر مشكلاته التي تتجدد معه بتجدد الحياة وأفكارها، ونظرة العقل البشري إليها، فالذي يخاطب عصره بمشكلات عصر آبائه وأجداده، أو معضلات بيئته، كالذي يصيح في واد، أو ينفخ في رماد.
على كاهل العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة.
إن الأمة قد ترزأ في اقتصادها، واحتلال أرضها، أو تخلف حياتها، ولكنها تظل أمة حية تنبض بمعاني القوة، ما دامت معتصمة بدينها، مؤمنة بعقيدتها، واثقة بنصر الله لها.
لقد كان العلماء على مر العصور والأجيال، يختلفون في المسائل الفرعية الاجتهادية، ولكن هذا الاختلاف لم يفسد ما بينهم من رابطة الجهاد، فقد كانوا يوقنون بأنهم جميعاً جنود للإسلام في صف المعركة. إن الإسلام عقيدة وشريعة، وإن الولاء الذي يجمع الشمل ويصلح الناس، هو الولاء للدين، والإسلام دين عالمي للبشرية كلها، يترفَّع في بناء الأمة عن ولاء الجنس والعنصر والأرض، ويجعل العقيدة هي الوحدة المشتركة بين الناس جميعاً في ظل الإسلام، فكانت الأخوّة الدينية بين المسلمين، هي هذه الوحدة المشتركة التي قررها القرآن الكريم إنما المؤمنون إخوة (الحجرات:10)، وقررها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم"، فغلبت أخوّة الإيمان على كل صلة سواها، حتى صلة النسب، فنسي المرء بها قبيلته، وخرج على عشيرته، وخاصم الولد أباه، وقاتل الأخ أخاه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم (المجادلة:22)، وأخوّة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوّة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب".
قالوا عنه:
يقول الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل السعودي: "لقد تتلمذت على يد الشيخ مناع القطان في المعهد العلمي، وفي كلية الشريعة، وقد كان له أكبر الأثر في نفوسنا، عندما كنا طلاباً للعلم، وقد غرس فضيلة الشيخ القطان في قلوبنا حب الخير والمعرفة والاطلاع والسعي دائماً بحثاً عن العلم".
ويقول الدكتور عبدالله الشبل مدير جامعة الإمام سابقاً: "لقد كان الشيخ مناع القطان أحد العلماء البارزين الذين احتلوا مكانة مرموقة من خلال مشاركاته العلمية، وتواجده المكثف في مختلف القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، إضافة لحضوره البارز في الأبحاث الإسلامية".
ويقول عنه تلميذه د. إبراهيم السماري: "تتلمذت على فضيلة الشيخ مناع القطان في كلية الشريعة، وكان مشرفاً على رسالتي للماجستير، ثم توفي رحمه الله وهو مشرف على رسالتي للدكتوراه، فعرفت الكثير من أخلاق فضيلته، وسمو نفسه، وعلو همته، وصدق صبره.
وحين أتحدث عن شيخي مناع القطان، أجد القلم مخنوقاً بعبرة الحسرة على فراق هذا الشيخ الجليل، وعلى فقد علمه الغزير الذي طالما أسعدني الاغتراف منه، ومما يميز هذا العالم الفاضل مع طلابه، تحليه بحليتي الصبر والتواضع، فبرغم مرضه في الآونة الأخيرة، لم يظهر تذمراً حين أراجعه في موضوع دراستي، بل كان يشجعني ويحثني على بذل أكبر جهد، ويفتح لي آفاقاً جديدة، أو مداخل قد أستفيد منها".
ويقول عنه مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: "إن الشيخ مناع القطان داعية إسلامي معروف، وقد درست عليه مادة التفسير عندما كنت طالباً في جامعة الإمام محمد بن سعود لعامين في السنتين الثالثة والرابعة، وكان يرحمه الله من الدعاة المعروفين، وله عناية كبيرة بتفسير القرآن، وفد إلى المملكة قبل أربعين عاماً، ودرّس في معهد الرياض، وكلية الشريعة بجامعة الإمام".
وفاته
توفي يوم الإثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420ه الموافق 19-7-1999م وصُلي عليه في مسجد الراجحي بمنطقة الربوة، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، بعد مرض عضال نتيجة إصابته بسرطان الكبد الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات، وكان عمره خمسة وسبعين عاماً، وترك خلفه خمسة من الأولاد، ثلاثة أبناء، وبنتين، والخمسة جميعهم أطباء في تخصصات مختلفة في مستشفيات الرياض.
وقد فاضت مشاعر أحد تلاميذه المحبين فرثاه بهذه الأبيات العفوية:
شيخي مناع القطان رحمه الله
أبي فالأبوة عطف ولين
أخي فالأخوة عقد متين
وإن لفقدك صوت الرنين
يهز القلوب كفقد اليمين
وتدمع عيني ووجهي حزين
إلى الله أشكو لفقد الحنين
فما خاب شاك لرب كريم
وندعوك يا أرحم الراحمين
@@@
أشيخي أراك بكل صباح
وكل مساء ووقت ضنين
وأنهل من علمك المستنير
دروساً وعلماً لعقل رصين
فهذا "مباحث علم الكتاب"
وأخرى ففيها علوم لدين
فأدعو لك الله رب العباد
ليجمعنا معك في الخالدين
فبيني وبينك حب متين
وبين السطور أمور تبين
وفاضت شعوري بصدق الوفاء
فروحي وروحك تبر وطين
يعز عليها الفراق الحزين
فدنيا الفناء زوال مبين
ولكن قلبي يراك يراك
إذا أظلم الليل هاج الأنين
أبي إن رحلت فإنا وراك
فأنت ونحن معاً سائرين
بإذن الكريم الرحيم العظيم
ومالك يوم الحساب المبين
بصحبة أحمد في الخالدين
وأتباعهم أمة المرسلين
إلى جنة الله دار الخلود
ففيها السعادة حق اليقين
@@@
لقد زاد شوقي كأني يتيم
وإن طال شعري أردت أبين
لعلي أهدئ لسع الفراق
ويسكن قلبي ولا يستكين
فحبّي إلى الله لا غيره
فذاك هو الحبُّ حبُّ الفطين
لي الله من بعد فقد الكرام
"ومنَّاع" شيخي في الأكرمين
أراك بأحمد عند اللقاء
وإخوته نسوة أو بنين
يداوون كل مريض عليل
بعلم وفهم وعقل رصين
ينالك أجر وفضل عظيم
ودعوة شيخ وطفل جنين
زرعت رجالاً فنعم الرجال
فهم ثمر الغرس للغارسين
@@@
عزائي أن اليهود الطغاة
يموتون رعباً بخوف دفين
فهم يعرفون الرجال العظام
وصدق الجهاد من المدعين
لأنك سيف ولا كالسيوف
يقطع منهم عروق الوتين
فأنت تقاتل وضح النهار
وهم خلف سور وماء وطين
فيا شيخي أنت دروس لنا
حياتك أو موته الأكرمين
@@@
وداعاً أقول وكلي رجاء
برحمة ربي في الآخرين
على دين أحمد خير الأنام
حنيفية دعوة المرسلين
ففيها النجاة وفوز عظيم
بجنة خلد مع الصالحين
صلاة وتسليم رب رحيم
على رحمة الله للعالمين
@@@
رحم الله أستاذنا الجليل، وتقبله في الصالحين من عباده، وحشرنا الله وإياه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
Sherifone- شنشوري جديد
- عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 25/01/2009
رحم الله الشيخ مناع القطان
أشكرك أخي الكريم على إختيارك لهذا الموضوع
ورحم الله الشيخ مناع القطان ورحم الله كل علماءنا ومشايخنا الذين يسعون الى خير الاسلام والمسلمين
وانه لفخر لنا نحن أبناء شنشور أن يكون من ابناء بلدتنا مثل الشيخ مناع القطان وشيخه عبد الرزاق عفيفي
فاللهم اهدنا واهد ابناءنا وبناتنا وأجعل منهم العلماء الذين يساهمون في نشر دينك
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
ورحم الله الشيخ مناع القطان ورحم الله كل علماءنا ومشايخنا الذين يسعون الى خير الاسلام والمسلمين
وانه لفخر لنا نحن أبناء شنشور أن يكون من ابناء بلدتنا مثل الشيخ مناع القطان وشيخه عبد الرزاق عفيفي
فاللهم اهدنا واهد ابناءنا وبناتنا وأجعل منهم العلماء الذين يساهمون في نشر دينك
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أسامه خطاب- شنشوري أصيل
- عدد المساهمات : 40
تاريخ التسجيل : 27/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى